مصر دار إسلام أم دار كفر ؟!

أولاً : تعريف الدار أو الديار :

الدَّارُ لُغَةً : الْمَحَل . وَتَجْمَعُ الْعَرْصَةَ وَالْبِنَاءَ (لسان العرب – ( دور )) ،

وَتُطْلَقُ أَيْضًا عَلَى الْبَلْدَةِ (محيط المحيط) .

أَمَّا فِي الاِصْطِلاَحِ : فَلَمْ يَشِعِ اسْتِعْمَال الْفُقَهَاءِ لِهَذَا الْمُصْطَلَحِ ، وَوَرَدَ اسْتِعْمَالُهُ فِي بَعْضِ كُتُبِ السِّيَاسَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَالأْحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ (” بدائع السلك في طبائع الملك لمحمد بن الأزرق ، وكتاب تسهيل النظر وتعجيل الظفر للماوردي) .

وَسَارَ الْفُقَهَاءُ فِي الْكَلاَمِ عَنِ اخْتِصَاصَاتِ الدَّوْلَةِ عَلَى إِدْرَاجِهَا ضِمْنَ الْكَلاَمِ عَنْ صَلاَحِيَّاتِ الإْمَامِ وَاخْتِصَاصَاتِهِ حَيْثُ اعْتَبَرُوا أَنَّ الدَّوْلَةَ مُمَثَّلَةٌ فِي شَخْصِ الإْمَامِ الأْعْظَمِ ، أَوِ الْخَلِيفَةِ وَمَا يَتْبَعُهُ مِنْ وِلاَيَاتٍ وَوَاجِبَاتٍ وَحُقُوقٍ

وَعند بعض الْفُقَهَاءُ فِي الْكَلاَمِ الدَّوْلَةَ تَقُومُ عَلَى ثَلاَثَةِ أَرْكَانٍ وَهِيَ : الدَّارُ ، وَالرَّعِيَّةُ ، وَالْمَنَعَةُ (السيادة )

ثانياً : حكم تقسيم الديار :

نعتقد نحن أهل السنة والجماعه أن تقسيم الدار هو شئ إجتهادى وليس توقيفى فليس فى المسأله نص قطعى واضح صريح من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو إجماع قطعى بل هو أمر إجتهادى بين العلماء ومسألة مختلف فيها بين الفقهاء

قال الدكتور عباس أحمد الباز : والذي يبدو أن الأساس الذي قام عليه تقسيم الأقاليم إلى دار إسلام ودار كفر أو حرب هو أساس اجتهادي لا نصي حيث لم يرد بهذا التقسيم قرآن كريم , ولا حديث شريف إلا إشارات غير مباشرة وردت في بعض الأحاديث .

(أحكام المال الحرام : ص195)

ثالثاً : أسباب اختلاف الفقهاء في تعريف الديار :

إذا نظرت فى كتب الفقه فى المذاهب الأربعة على تعريف دار الإسلام وتعريف دار الكفر ستجد الخلافات كثيرة والأسباب هى الأتى /

أولا : النصوص الواردة في مسألة الديار ظنية وليست قطعية الدلالة.

ثانيا : اختلاف الفقهاء في تحديد العلة المؤثرة في وصف الدار.

الرأي الأول: العلة هي مسالة الأمن والخوف.

الرأي الثاني: العلة هي الأحكام التي تعلو الدار.

الرأي الثالث: الجمع بين العلتين السابقتين.

الرأي الرابع: العلة هي غلبة الوصف الديني للسكان.

الرأي الخامس: العلة هي مدى ظهور الشعائر والعبادات.

الرأي السادس: الجمع بين علة السكان وعلة الأحكام.

ولذلك من العلماء من كره الكلام فيها لعدم وجود الدليل وللفهم السقيم لبعض كلام العلماء

رابعاً : هل تعتبر مصر ديار كفر ؟!

قال بعض الشافعية : ( أن الدار التي ثبت كونها دارًا للإسلام؛ لا تصير دارَ كفر ((مطلقًا))!؛ وإن استولى عليها الكفار!، وأظهروا فيها أحكامهم!، وزاد بعضهم: طالما أن المسلمين في منعة منهم. وعلل ذلك الرافعي بأن: «الاستيلاء القديم يكفي [عندهم] لاستمرار الحكم»اهـ. واحتج هؤلاء بحديث: «الإسلام يعلو ولا يُعْلَى» [حسنه بن حجر العسقلانى والألباني]، وهو قول ابن حجر الهيتمي، ونسبه إلى الشافعية. انظر: “تحفة المحتاج” (8 / 82)، وأسنى المطالب” (4 / 204)

قلت : وعلي هذا المذهب لا تعتبر مصر دار كفر

وقال بعض المالكية :

جاء في حاشية الدسوقي على مختصر خليل : لأن بلاد الإسلام لاتصير دار حرب بأخذ الكفار لها بالقهر ما دامت شعائر الإسلام قائمة فيها.

وقال : لأن بلاد الإسلام لا تصير دار حرب بمجرد استيلائهم عليها بل حتى تنقطع إقامة شعائر الإسلام عنها , وأما مادامت شعائر الإسلام أو غالبها قائمة فلا تصير دار حرب وهو قول الدسوقي المالكي والاسبيجابي الحنفي والرملي الشافعي. انظر: “حاشية الدسوقي” (2/ 188)، فتاوى الرملي” (4/52)

قلت : وعلي هذا المذهب لا تعتبر مصر دار كفر

وقال بعض الشافعية وبعض الحنابلة :

( ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ مَتَى ارْتَدَّ أَهْل بَلَدٍ وَجَرَتْ فِيهِ أَحْكَامُهُمْ صَارَتِ الدَّارُ دَارَ حَرْبٍ ، وَعَلَى الإْمَامِ قِتَالُهُمْ بَعْدَ الإْنْذَارِ وَالإْعْذَارِ ، لأِنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَاتَل أَهْل الرِّدَّةِ بِجَمَاعَةِ الصَّحَابَةِ .( الأحكام السلطانية للماوردي / 45 ، 46 ، والمغني 8 / 138)

قلت : وعلي هذا المذهب لا تعتبر مصر دار كفر

وقال الشافعية أيضاً :

لاَ تَصِيرُ دَارُ الإْسْلاَمِ دَارَ كُفْرٍ بِحَالٍ مِنَ الأْحْوَال ، وَإِنِ اسْتَوْلَى عَلَيْهَا الْكُفَّارُ ، وَأَجْلَوُا الْمُسْلِمِينَ عَنْهَا ، وَأَظْهَرُوا فِيهَا أَحْكَامَهُمْ. لِخَبَرِ : الإْسْلاَمُ يَعْلُو وَلاَ يُعْلَى عَلَيْهِ (حسنه بن حجر وغيره ) (نهاية المحتاج 8 / 82 ، وأسنى المطالب 4 / 204)

قلت : وعلي هذا المذهب لا تعتبر مصر دار كفر

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ : إِلَى أَنَّ دَارَ الإْسْلاَمِ لاَ تَصِيرُ دَارَ حَرْبٍ إِلاَّ بِأُمُورٍ ثَلاَثَةٍ :

أ أَنْ تَجْرِيَ فِيهَا أَحْكَامُ أَهْل الشِّرْكِ عَلَى الاِشْتِهَارِ ، وَأَنْ لاَ يُحْكَمَ فِيهَا بِحُكْمِ أَهْل الإْسْلاَمِ ، أَمَّا لَوْ أُجْرِيَتْ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ ، وَأَحْكَامُ أَهْل الشِّرْكِ ، فَلاَ تَكُونُ دَارَ حَرْبٍ .

ب أَنْ تَكُونَ مُتَاخِمَةً ( أَيْ مُجَاوِرَةً ) لِدَارِ الْحَرْبِ ، بِأَنْ لاَ تَتَخَلَّل بَيْنَهُمَا بَلْدَةٌ مِنْ بِلاَدِ الإْسْلاَمِ .

ج أَنْ لاَ يَبْقَى فِيهَا مُسْلِمٌ أَوْ ذِمِّيٌّ آمِنًا بِالأْمَانِ الأْوَّل الَّذِي كَانَ ثَابِتًا قَبْل اسْتِيلاَءِ الْكُفَّارِ ، لِلْمُسْلِمِ بِإِسْلاَمِهِ ، وَلِلذِّمِّيِّ بِعَقْدِ الذِّمَّةِ .

(ابن عابدين 3 / 253)

قلت : وعلي هذا المذهب لا تعتبر مصر دار كفر

قال ابن عابدين في حاشيته” (4/ 355)-: «قوله: (بإجراء أحكام أهل الشرك) أي: على الاشتهار، وأن لا يحكم فيها بحكم أهل الإسلام، وظاهره أنه لو أجريت أحكام المسلمين، وأحكام أهل الشرك لا تكون دار حرب»اهـ.

قلت : وعلي هذا المذهب لا تعتبر مصر دار كفر

خامساً : هل تعتبر مصر دار إسلام :

قال التهانوي في الكشاف” (2/92):

«((ولا خلاف)) في أنه يصير دار الحرب دار إسلام بإجراء ((بعض)) الأحكام فيها»اهـ.

قلت : وعلى هذا المذهب مصر دار إسلامية

وقال ابن عابدين في الدر المحتار” (4/ 356)

– «ودار الحرب تصير دار الإسلام بإجراء أحكام أهل الإسلام فيها؛ كجمعة وعيد، وإن بقي فيها كافر أصلي، وإن لم تتصل بدار الإسلام»اهـ.

قلت : وعلى هذا المذهب مصر دار إسلامية

وقال صاحب الدر المحتار” (4/ 356) فيقول: «ودار الحرب تصير دار الإسلام بإجراء أحكام أهل الإسلام فيها ((كجمعة وعيد))»اهـ

قلت : وعلى هذا المذهب مصر دار إسلامية

وقال صاحب الدر الحكام” (1/ 331)؛ فيقول: «ودار الحرب تصير دار إسلام بإجراء أحكام أهل الإسلام فيها؛ ((كإقامة الجمع والأعياد))، وإن بقي فيها كافر أصلياهـ.

قلت : وعلى هذا المذهب مصر دار إسلامية

قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله:

«والبقاع تتغير أحكامها ((بتغير أحوال أهلها)). فقد تكون البقعة دار كفر إذا كان أهلها كفارا ثم تصير دار إسلام إذا أسلم أهلها كما كانت مكة شرفها اللهفي أول الأمر دار كفر وحرب»اهـ.

الفتاوى” (27/ 143-144)، والكبرى” (2/ 445)

وقال -“الفتاوى” (18/ 282)-: «وكون الأرض دار كفر ودار إيمان أو دار فاسقين ليست صفة لازمة لها؛ بل هي صفة عارضة ((بحسب سكانها))»اهـ

قلت : وعلى هذا المذهب مصر دار إسلامية

قال الحافظ أبي بكر الإسماعيلي لذلك كما في كتابه اعتقاد أهل السنة

(ص56 )؛ حيث قال:

«ويرون -[أي أهل السنة]- الدار دار إسلام لا دار كفر كما رأته المعتزلة!!- ما دام:

[1] النداء بالصلاة والإقامة بها ظاهرين،

[2] وأهلها ممكنين منها

[3] آمنين»اهـ

قلت : وعلى هذا المذهب مصر دار إسلامية

ولقد سئل الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن أبا بطين رحمه الله كما في رسائله” (1/ 203) والدرر السنية” (9/ 254-255)-؛ سئل عن البلدة يكون فيها شيء من مشاهد الشرك، ((والشرك فيها ظاهر))، مع كونهم يشهدون الشهادتين، مع عدم القيام بحقيقتها، ويؤذنون، ويصلون الجمعة والجماعة، مع التقصير في ذلك، هل تسمى دار كفر، أو دار إسلام؟.

فأجاب:

«فهذه المسألة: يؤخذ جوابها مما ذكره الفقهاء، في بلدة ((كل أهلها)) يهود، أو نصارى، أنهم إذا بذلوا الجزية، صارت بلادهم بلاد إسلام; وتسمى دار إسلام.

فإذا كان أهل بلدة نصارى، يقولون في المسيح أنه الله، أو ابن الله، أو ثالث ثلاثة، أنهم إذا بذلوا الجزية سميت بلادهم بلاد إسلام، فبالأولى فيما أرىأن البلاد التي سألتم عنها، وذكرتم حال أهلها، أولى بهذا الاسم، ومع هذا يقاتلون لإزالة مشاهد الشرك، والإقرار بالتوحيد والعمل به…..”اهـ

قلت : وعلى هذا المذهب مصر دار إسلامية

الشيخ العلامة محمد بن صالح بن عثيمين كما في سلسلة تفسير القرآن“/سورة العنكبوت الشريط رقم (13) الوجه (أ) الدقيقة (00:26:00)-:

سُئِلَ رحمه الله-: ما حد دار الإسلام وحد دار الكفر؟

فأجاب:

«دار الإسلام هي التي تقام فيها شعائر الإسلام ((بقطع النظر عن حكامها))، حتى ((لو تولى عليها رجل كافر)) –وإن لم يأمر بشرائع الإسلام– (((فهي دار إسلام)))؛ يؤذن فيها، تقام فيها الصلوات، تقام فيها الجمعة، يكون فيها الأعياد الشرعية، والصوم، والحج وما أشبه ذلك؛ ((هذه ديار إسلام حتى لو كان حكامها كفارًا)). لأن النبي أمرنا إذا رأينا كفرًا بواحًا أن نقاتل، ومعنى ذلك أن بلادنا بقيت بلاد إسلام تقاتل هذا الكافر وتزيله عن الحكم.

فأما قول من يقول إن بلاد الكفر هي التي يحكمها المسلمون أي يكون حكامها مسلمين؛ فهذا ليس بصحيح!،)

قلت : وعلى هذا المذهب مصر دار إسلامية

قال بعض علماء المالكية :

دار الإسلام تكون بظهور ((بعض)) أحكام الإسلام كالأذان:

فجعلوه علامة مفرقة بين الدارين. ووجهة هؤلاء: إمساك النبي عن الدار وأمره بذلكعندما كان يسمع فيها الأذان؛ لأنه أيضًا من علامات غلبة المسلمين وسيادتهم على الدار وامتلاكهم لها؛ حيث تمكنوا من إظهار شعائرهم الظاهرة دون حرج. “الاستذكار” (4/ 18) والتمهيد/مرتب” (3/ 61) كلاهما لابن عبدالبر، والذخيرةللقرافي (2/ 58) والدرر السنية” (12/ 127)، وشرح الزرقاني” (1/ 148)، والمنتقىللباجي (1/ 133)، و التاج والإكليلللعبدري (1/ 451)، والفواكه الدوانيللنفراوي (1/ 171).

قلت : وعلى هذا المذهب مصر دار إسلامية

أفتى شيخ الإسلام ابن تيمية :

فإنه عندما سئل عن بلاد ماردين وقد زالت عنها السلطة الإسلامية قال: “وأما كونها دار حرب أو سلم، فهي مركبة فيها المعنيان، وليست بمنزلة دار السلم التي تجري عليها أحكام الإسلام لكون أهلها مسلمين، ولا بمنزلة دار الحرب التي أهلها كفار، بل هي قسم ثالث، يعامل المسلم فيها بما يستحقه، ويقاتل الخارج عن شريعة الإسلام بما يستحقه“. ( مجموع الفتاوى 28/241.)

قلت : وعلى هذا المذهب مصر إن إحتلها الكفار وحكموا بيها بحكم الكفر وزالوا حكم الإسلام بالكلية فلا تعتبر لادار حرب ولادار اسلام بل هى تعتبر دار مركبة

وأخيراً : أقوال وأكرر إن مسألة تقسيم الديار مسألة ظنية إجتهادية

ومعلوم إن إجتهاد عالم ليس حجة على إجتهاد عالم أخر كما هو مقرر فى الأصول

وأيضاً تقسيم الدار لايغير من الأحكام شئ لا فى عقائد المسلمين ولافى معاملات وعبادات المسلمين شئ كما هو مقرر عند الفقهاء

وأما عن الشبهات المثارة حول مسألة التبعية سيكون لها رد مستقل إن شاء الله

About كريم إمام السلفى

^_^ محب للعلم وأهله مبغض الجهل وأهله

Posted on 11/10/2014, in مُدونات صديقة. Bookmark the permalink. أضف تعليق.

أضف تعليق

مدونة التاعب

محمد شاهين التاعب: باحث في الأديان والعقائد والمذاهب الفكرية المعاصرة

مُكَافِح الشُّبُهات

أبو عمر الباحث - غفر الله له ولوالديه

مدونة أبوعمارالأثري

طالب علم متخصص في مقارنة الأديان ونقد المسيحية والرد على الشبهات

الرَّد الصَّرِيح عَلَى مَنْ بدَّل دِينَ المَسِيح

تَحتَ إِشْراف:المُدَافِع السَّلَفِي ــ أَيُّوب المَغْرِبِي

مدوّنة كشف النصارى

للحق دولة ، وللباطل جولة